فصل: مطلب نعمة المطر ونعمة الدواب والأنعام وما يقال عند السفر والرجوع منه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



36- {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ} أي يظلم بصره. هذا قول ابي عبيدة.
قال الفراء: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ} أي يعرض عنه.
ومن قرأ: {وَمَنْ يَعْشُ} بنصب الشين أراد: من يعم عنه. وقال في موضع آخر: {الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [سورة الكهف آية 101] ولا أرى القول إلا قول أبي عبيدة. ولم ار أحدا يجيز (عشوت عن الشيء): أعرضت عنه، إنما يقال: (تعاشيت عن كذا)، أي تغافلت عنه، كأني لم أره. ومثله: (تعاميت).
والعرب تقول: (عشوت إلى النار): إذا استدللت إليها ببصر ضعيف قال الخطيئة:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير موقد

44- {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} أي شرف لكم، يعني القرآن {وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} عن الشكر عليه.
45- {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا} أي سل من أرسلنا إليه رسولا- من رسلنا- قبلك، يعني: أهل الكتاب.
52- {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} قال ابو عبيدة: (أراد: بل أنا خير).
وقال الفراء: (أخبرني بعض المشيخة: أنه بلغه القراء قرأ: {اما أنا خير}. وقال لي هذا الشيخ: لو حفظت الأثر لقرأت به، وهو جيد في المعنى).
55- {فَلَمَّا آسَفُونا} أي أغضبونا. و(الأسف): الغضب. يقال: اسفت آسف أسفا، أي غضبت.
56- {فَجَعَلْناهُمْ سَلَفًا}: قوما تقدموا، {وَمَثَلًا}: عبرة.
وقرأها الأعرج: {سلفا}، كأن واحدته: (سلفة) اي عصبة وفرقة متقدمة من الناس، مثل القطعة. تقول: تقدمت سلفة من الناس.
وقرئت: {سَلَفًا}، كما قيل: خشب وخشب، وثمر وثمر. ويقال: هو جمع (سليف). وكله من التقدم.
57- {إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}: يضجون. يقال: صددت أصدّ صدّا، إذا ضججت.
و(التّصدية) منه، وهو: التصفيق. والياء فيه مبدلة من دال، كأن الأصل فيه: (صددت) بثلاث دالات، فقبلت الأخرى ياء، فقالوا: (صديت) كما قالوا: قصيت اظفاري، والأصل: قصصت.
ومن قرأ: {يصدون}، أراد: يعدلون ويعرضون.
61- {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} أي نزول المسيح- عليه السلام- يعلم به قرب الساعة ومن قرأ: {لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} فإنه يعني العلامة والدليل.
70- {تُحْبَرُونَ} أي تسرون. و(الحبرة): السرور.
71- (الأكواب): الأباريق لا عرى لها، ويقال: ولا خراطيم. واحدها: (كوب).
75- {وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} أي يائسون من رحمة اللّه.
79- {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا} أي أحكموه.
81- {قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ} أي: أول من عبده بالتوحيد.
ويقال: {أَوَّلُ الْعابِدِينَ}: أول الآنفين الغضاب. يقال: عبدت من كذا أعبد عبدا، فأنا عبد وعابد. قال الشاعر:
وأعبد ان تهجي تميم بدارم

أي: آنف.
89- {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} أي اعرض عنهم. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة الزخرف:
4 {أُمِّ الْكِتابِ}: اللّوح المحفوظ.
{لَعَلِيٌّ}: في أعلى طبقات البلاغة، {حَكِيمٌ}: ناطق بالحكمة.
5 {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا}: نعرض ولا نوجب الحجة.
{أَنْ كُنْتُمْ}: لأن كنتم.
13 {لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ}: على التذكير لأنّ الأنعام كالنّعم اسم جنس.
{مُقْرِنِينَ}: مطيقين.
15 {جُزْءًا}: نصيبا.
26 {بَراءٌ}: مصدر لا يثنّى ولا يجمع، و(براء) جمع (بريء).
29 {بَلْ مَتَّعْتُ}: بلغ الإمتاع غايته فلم يبق إلّا الإيمان أو العذاب.
32 {نَحْنُ قَسَمْنا}: أي: (فرحمة ربّك): وهي النّبوّة أولى باختيار موضعها.
31 {عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ}: من إحداهما: مكة والطائف، وهما الوليد بن المغيرة من مكة، وحبيب بن عمرو الثقفي من الطائف.
والسّقف: جمع (سقيفة) كل خشب عريض، أو جمع (سقف) كـ: (رهن) و(رهن).
والمعنى: أنّ في إغناء البعض وإحواج البعض مصلحة العالم، وإلّا لبسط على الكافر الرزق، وفيه توهين أمر الدنيا أيضا.
36 {وَمَنْ يَعْشُ}: العشو: السّير في الظّلمة.
{نُقَيِّضْ لَهُ}: نعوّضه عن إغفاله الذكر بتخلية الشّيطان وإغوائه.
38 {الْمَشْرِقَيْنِ}: المشرق والمغرب، كقولهم: العمران والقمران.
39 {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ}: معناه: منع روح التآسي.
49 {يا أَيُّهَا السَّاحِرُ}: خاطبوه بما تقدّم له عندهم من التسمية.
{بِما عَهِدَ عِنْدَكَ}: فيمن آمن به من كشف العذاب عنه.
51، 52 {أَفَلا تُبْصِرُونَ}. {أَمْ أَنَا خَيْرٌ}: أي: أم أنتم بصراء لأنهم لو قالوا: أنت خير، كان كقولهم: نحن بصراء ليصحّ معنى المعادلة في أَمْ، والتقدير في المعادلة: على أي الحالين أنتم؟ أعلى حال البصر أم على خلافه؟.
{مَهِينٌ}: يمتهن نفسه في عمله، ليس له من يكفيه.
55 {آسَفُونا}: أغضبونا.
57 {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا}: آية في القدرة على كلّ شيء بخلق إنسان من غير أب.
{يَصِدُّونَ}: يضجّون، ومنه {مُكاءً وَتَصْدِيَةً}.
والجدل والخصومة قولهم: رضينا أن تكون آلهتنا مع المسيح لما نزل {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ}.
61 {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}: نزول عيسى عليه السلام، أو القرآن، ففيه أنّ السّاعة كائنة قريبة.
65 {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ}: اليهود والنّصارى، {مِنْ بَيْنِهِمْ}: من تلقاء أنفسهم.
67 {بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}: أي: المتحابون في الدنيا على المعاصي.
81 {أَوَّلُ الْعابِدِينَ}: من عبد: أنف، ولكنه عبد يعبد فهو عبد، فالمعنى: فأنا أول العابدين على أنه واحد ليس له ولد. أو معنى {الْعابِدِينَ}: الموحدين، إذ كل من يعبده يوحّده.
86 {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ}: أي: لا تشفع الملائكة إلّا من شهد بالحق وهو يعلم الحق.
88 {وَقِيلِهِ}: أي: إلّا من شهد بالحقّ، وقال: (قيله)، نصبه على المصدر، وجرّه على معنى {عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، وعلم قِيلِهِ. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الزخرف:
عدد 13- 63 و43.
نزلت بمكة بعد سورة الشورى عدا الآية 54، فإنها نزلت بالمدينة، وهي تسع وثمانون آية، وثمنمئة وثلاث وثلاثون كلمة، وثلاثة آلاف وأربعمائة حرف.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى: {حم} 1 تقدم ما فيه، وقد أقسم اللّه تعالى فقال: {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ} 2 لكل شيء وجواب القسم قوله عز قوله: {إِنَّا جَعَلْناهُ} أي الكتاب الملقى إليك يا محمد المشار إليه آخر السورة المارة {قرآنا عَرَبِيًّا} بلغتك ولغة قومك {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} معانيه فلا تحتجوا بعدم فهمه {وَإِنَّهُ} هذا القرآن ثابت عندنا مدوّن {فِي أُمِّ الْكِتابِ} اللوح المحفوظ.
وسمي أما لأن كل الكتب السماوية المنزلة على الرسل وغيرها مسجلة فيه ومنه ينسخ ما ينزله اللّه على من يشاء من عباده، قال تعالى: {بَلْ هُوَ قرآن مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} الآيتين من آخر سورة البروج في ج 1، وقرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة والباقون بضمها وهو الصواب ولهذا يقول تعالى: {لَدَيْنا لَعَلِيٌّ} شرفا ومنزلة وشأنا {حَكِيمٌ} 4 لا يتطرق إليه البطلان على مرور الدوران، راجع الآية 42 من سورة فصلت المارة وما ترشدك إليه من المواضع في حفظ هذا القرآن وتعهد اللّه به {أَفَنَضْرِبُ} نذود وننحى ونترك {عَنْكُمُ} يا أهل مكة {الذِّكْرَ} بالقرآن فلا نذكركم به ونهملكم {صَفْحًا} إعراضا عنكم، فلا نأمركم ولا ننهاكم، أو نمسك عن إنزاله بسبب {أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} 5 بأنواع الكفر والمعاصي ونبقيكم سبهللا، كلا، لا نفعل ذلك من أجل انهماككم وإصراركم على المعاصي والكفر، بل ننزله عليكم ونكلفكم بالإيمان به وترك ما أنتم عليه، لئلا تقولوا في الآخرة ما جاءنا من كتاب ولا نذير.
قرأ نافع وحمزة بكسر الألف من أن، أي إن كنتم مسرفين لا نضرب عنكم الذكر، وقيل إن أن هنا بمعنى إذ، مثلها في قوله تعالى: {وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الآية 278 من البقرة في ج 3، أي والجزاء مقدم على الشرط، وقرأ الباقون بفتحها على التعليل وهو الأحسن والأوفى بالمرام.
قال تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ} 6 قبلكم: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} 7 مثلما يسخر بك قومك فلا تضجر لما ترى منهم، فإن لك أسوة بإخوانك الأنبياء، وهذه تقدير للآية قبلها مبينة أن إسراف الأمم السابقة الكثيرة في التكذيب لم يمنعنا من إرسال الرسل إليهم ولا إنزال الكتب عليهم، فكذلك إسراف قومك يا محمد لم يحل دون إرسالنا إياك إليهم وإنزالنا كتابك عليهم، وفيها تسلية لحضرة الرسول ليهون عليه ما يلاقية من قومه، قال تعالى يا محمد لا يغرّ قومك ما هم عليه من القوة والكثرة في المال والولد {فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا} وقوة ومن هم أكثر منهم أموالا وأولادا، وهذا نوع آخر من التسلية لحضرة الرسول صرف فيه الخطاب من قومه إليه ضمن إخباره عن حكاية حال سابقة لقوله جل قوله: {وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} 8 أي القصة التي أهلكوا فيها وحالتهم مع أنبيائهم إذ سلف ذكرهم على التفصيل فيما قصه اللّه قبل، وقد كرره مرارا حتى صار ما أوقعه بالأولين كالمثل السائر، فحذّر قومك من أن ينزل بهم مثله ويصيبهم ما أصابهم، يريد قوم نوح وصالح وهود وشعيب ولوط وموسى وعيسى، ومن بينهم.
قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقولنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ} بالغ القدرة منيع الجانب العظيم الذي لا يكيّف {الْعَلِيمُ} 9 بما فيهن وبالحكمة التي خلقهنّ من أجلها لأنهم لا يستطيعون أن يقولوا خلقهن غيره تعالى ولا يتمكنون من إنكارهما أو نسبة شيء بما فيهن منهما لأولهم خشية الكذب المستقبح عندهم، وذلك الإله الفعال {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} لتستريحوا عليها، ومنه مهد الصبي السرير الذي ينام فيه لأن فيه استراحته ومنامه، وإنما جعلها مهدا ليمكن مخلوقاته من الانتفاع بها {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا} في الصحارى وفجاجا في الجبال ومرتفعا في الأودية ليتيسر لكم المشي عليها لتمام النفع {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} 10 في أسفاركم لمقاصدكم من القرى والبلاد والمراعي والمقالع وغيرها.

.مطلب نعمة المطر ونعمة الدواب والأنعام وما يقال عند السفر والرجوع منه:

{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} فيه حياتكم، وهذا من جملة رأفته بكم أيها الناس ورحمته بدوابكم وأنعامكم وجعله {بِقَدَرٍ} لكل خلقه من نام وجامد يحسب الحاجة إليه وقدر ما اقتضته المشيئة المبينة على الحكم والمصالح، فلم يشح عن الحاجة ولم يزد لحد الغرق الذي لا يكون إلا للعذاب أو أمر آخر يريده، وهذا القدر الذي ذكره لا يعلمه غيره والإبرة المحدثة (أودوميتر) لا تفيد على التحقيق نزوله بالبقعة التي هي فيها أو بساعة معلومة، لأن المطر قد يكون فيها أو بأطرافها قريبا منها أو بعيدا، وقد يكون قليلا بمكان كثيرا بآخر، لهذا لا يعرف مقداره على الضبط، لأنه قد يكون فوقها قليلا وبأطرافها كثيرا وبالعكس، وبمقدار ما تتأثر منه الأرض، لذلك فإن ما يزعمونه من تقدير الأمطار هو بحسب التخمين والحسبان بالنسبة للبقعة المغروزة فيه الآلة، وهذا إذا لم يطرأ على الجو ما يغير رطوبته، فإذا طرأ قد لا تمطر تدبر.
{فَأَنْشَرْنا} أحيينا {بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذلِكَ} مثل هذا الإحياء للأرض الميتة بالمطر {تُخْرَجُونَ} 11 من قبوركم أحياء في الآخرة بعد موتكم في الدنيا {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها} من ذوات الأرواح والنمو من بشر وحيوان وحوت وطير وحشرات ونبات هو ذلك الإله العظيم الذي خلق السموات والأرض {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ} 12 عليه برا وبحرا وتحت الأرض والبحر وفي الخلاء {لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ} ما ظهر منه لجهة العلو وبطن الفلك بالنسبة للركوب فيه يسمى ظهرا لأن ظهرها طائف على الماء {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ} على لطفه بكم وعطفه عليكم {إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} أي الفلك أو ظهور الأنعام والدواب وغيرها من كل ما يركب، فيدخل فيه الطائرات والغواصات والسيارات على اختلاف أنواعها، وهذا الشكر واجب، لأنه بمقابل نعمة الركوب والتسخير، لأنها أقوى منكم سواء أكانت بنفسها أو بما يسيرها من ماء وهواء أو بخار أو قوة أخرى، ومن نعمته تذليلها فلولا تذليل الحيوان للإنسان ما استفاد منه شيئا لا ركبا ولا أكلا، راجع قوله تعالى: {وَذَلَّلْناها لَهُمْ} الآية 72 من سورة يس في ج 2، والآية 32 من سورة الشورى المارة لتعلم هذه النعمة العظيمة، وأنها تستحق الذكر والشكر، ولها صلة في الآية الأخيرة من سورة لقمان المارة أيضا، {وَتَقولوا} عند استواءكم على ما تركبونه شكرا لمسخره لكم {سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا} الفلك والأنعام والمراكب {وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} 13 مطيقين وضابطين بسبب قوتها وصعوبتها والصعب القوي لا يكون قرينا للضعيف، ولولا نعمة اللّه علينا بتذليلها لما كان لنا أن نقرن هذه الدواب والفلك والمراكب والسيارات والطيارات وغيرها، لأنها أقوى منا، قال عمر بن معد يكرب:
لقد علم القبائل ما عقيل ** لنا في النائبات بمقرنينا

وقال ابن هرم:
وأقرنت ما حملتني ولقلّما ** يطاق احتمال الصدّ يا دعد

والهجر بما يدل على أن قرن بمعنى طاق، ويقول الراكب أيضا {وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ} 14 في المعاد وآخر ما تركب عليه هو النعش، اللهم أحسن سيرنا إليك وأكرم وفادتنا عليك، روى مسلم عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: «إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا للسفر حمد اللّه وسبح وكبر ثلاثا ثم قال سبحان الذي إلخ اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون سفرنا هذا وأطوعنا بغده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من عناء السفر (تعبه وشدته) وكآية المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون».
قال تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ} كفار قريش لذلك الإله العظيم مع إنعامه عليهم {مِنْ عِبادِهِ جُزْءًا} نسبوه إليه وهو قولهم الملائكة بنات اللّه لأن الولد جزء من الوالد {إِنَّ الْإِنْسانَ} جنسه {لَكَفُورٌ مُبِينٌ} 15 مظهر جحوده لنعم اللّه بلا حياء ولا خجل.